Page 70 - alamn
P. 70
مفهوم الأمن الإنساني في ربع قرن مقالات وآراء
تلـك التهديـدات فـي :الأمـن الوظيفـي ،والأمـن كانـت البدايـة الأولـى لتبِّنـي المجتمـع الدولـي د .إنجي محمد عبد الحميد
الاقتصـادي ،والأمـن الصحـي ،والأمـن البيئـي، مفهـوم «الأمن الإنسـاني» ()Human Security خبير العلوم السياسية بالمركز القومي
والأمـن الغذائـي ،والأمـن الشـخصي المرتبـط عندمـا تنـاول تقريـر التنميـة البشـرية فـي العالـم
لسـنة 1994م قضيـة الأمـن الإنسـاني باعتبارهـا للبحوث الاجتماعية والجنائية
بحمايـة النفـس. جـز ًءا أصيل ًا من مفهوم التنمية البشـرية .والجدير جمهورية مصر العربية
ووف ًقـا للأدبيـات ،يشـير مصطلـح «الأمـن بالذكـر أن مفهـوم التنميـة البشـرية ذاتـه هـو
الإنسـاني» ( )Human Securityإلـى عنصريـن نتـاج لعمـل وجهـد بحثـي لعـدد مـن الأكاديمييـن 70
أساسـيين ،همـا :الأمان من التهديـدات الخطيرة، والباحثيـن المتخصصيـن فـي حقـول معرفيـة
مثـل :الجـوع ،والمـرض .أمـا العنصـر الثانـي شـَّتى ،علـى رأسـها حقـل دراسـات التنميـة .و ُيعـد
فهـو :توافـر الحمايـة اللازمـة مـن صدمـات الحيـاة ك ٌّل مـن «أمارتيـا سـن» و«محبـوب الحـق» أبـرز
اليوميـة ،سـواء فـي العمـل ،أو علـى مسـتوى مـن تبَّنـى هـذا المفهـوم ،ور َّوج لـه حتـى أضحـى
المجتمـع المحلـي أو الدولـي .وربمـا تمثـل جائحـة حجـر الزاويـة لـكل سياسـات التنميـة اللاحقـة.
«كورونـا» فـي الوقـت الراهـن هـذا النمـط مـن وقـد اسـتمر هـذا الجهـد البحثـي منـذ سـبعينيات
القـرن العشـرين إلـى أن تبلـور مـا ُيعـرف باقتـراب
التهديـد. القـدرات ( ،)Capability Approachالـذي يرِّكـز
ومن الممكن أن تكون تهديدات الأمن الإنسـاني علـى تمكيـن الأفـراد ،باعتبـاره الغايـة الأولـى
بطيئـة أو سـريعة ،مـن ُصنـع البشـر نتيجـة والأخيـرة مـن عمليـة التنميـة ،ويتجـاوز مفهـوم
لسياسـات أو ممارسـات خاطئـة ،كالتهديـدات التمكيـن ( )Empowermentالمعنى الاقتصادي
البيئيـة المرتبطـة بالانبعاثـات الحراريـة ،أو نتيجـ ًة للمفهـوم إلـى الأبعـاد الخاصـة بتوسـيع قـدرات
لكـوارث طبيعيـة ،مثـل :الـزلازل ،والسـيول، الأفـراد بمـا يمنحهـم الفرصـة فـي اختيـار نمـط
الحيـاة الـذي يبتغونـه ،وهـو مـا يتجـاوز المعنـى
والبراكيـن. الضيـق لمفهـوم التنميـة ،الـذي يقصرهـا علـى
وعلـى الرغـم مـن التدا ُخـل بيـن مفهو َمـي التنميـة النمـو الاقتصـادي ،وبمـا يضمـن حمايـة فـرص
البشـرية والأمـن الإنسـاني ،فيمـا يتعلـق بالتركيـز
علـى حيـاة الأفـراد ،وحمايـة فرصهـم فـي الحيـاة، الأجيـال القادمـة.
فـإن مفهـوم التنميـة البشـرية هـو مفهـوم أكثـر وفـي هـذا الإطـار ظهـر مفهـوم الأمـن الإنسـاني
اتسـا ًعا وشـمو ًل؛ لأنـه يتضمـن المعنـى الأعـ َّم كنقطـة تحـول مهمـة ،ليـس فقـط فـي حقـل
لتوسـيع خيـارات الأفـراد كـي تتوافـر لهـم حريـة دراسـات التنميـة ،وإنمـا أي ًضـا فـي حقلـي
اختيـار الحيـاة التـي يريـدون أن يحيوها .أما مفهوم العلاقـات الدوليـة والدراسـات الأمنيـة .جـاء تبِّنـي
الأمـن الإنسـاني فيتمَّثـل فـي الضمانـات التـي هـذا المفهـوم مـن ِقبـل المجتمـع الدولـي فـي
تسـمح للأفـراد بممارسـة اختياراتهـم فـي الحيـاة إطـار إدراك حقيقـة تغُّيـر موازيـن القـوى ،ومـن َث َّم
بشـكل حـر وآمـن ،وبمـا يجعلهـم يشـعرون أن القضايـا التـي تشـغل الأفـراد .فلـم َت ُعـد قضيـة
مـا يمتلكونـه مـن امتيـازات فـي الوقـت الراهـن الأمـن القومـي مقتصـرة علـى تهديـدات حـدود
لا يمكـن أن يفقـدوه فـي المسـتقبل القريـب. الـدول ،أو مصالحهـا المباشـرة خـارج حدودهـا،
وهنـا تجـدر الإشـارة إلـى أن الشـعور المسـي ِطر ومـا ارتبـط بذلـك مـن سـباق التسـُّلح الـذي
علـى أغلـب سـكان العالـم فـي الوقـت الراهـن هو شـهده العالـم خلال مـا يقـرب مـن أربعيـن عا ًمـا
الشـعور بعـدم الأمـان؛ نتيجـة إمكانيـة فقدانهـم منـذ انتهـاء الحـرب العالميـة الثانيـة عـام 1949م
ليـس فقـط مـا يتمتعـون بـه مـن امتيـازات فـي حتـى انهيـار الاتحـاد السـوفيتي عـام 1989م،
الوقـت الراهـن ،إنمـا إمكانيـة فقدانهـم حياتهـم وتشـكل نظـام عالمـي جديـد .وقـد أدى التحـ ُّول
إذا وقعـوا فـي براثـن هـذا المـرض ،وإذا اسـتمرت فـي النظـام الدولـي إلـى ظهـور قضايـا جديـدة
الجائحـة لبضعـة شـهور مقبلـة .ويـزداد هـذا تشـغل الأفـراد والمجتمعـات ،وأصبحـت بمثابـة
الشـعور لـدى الأفـراد فـي البلـدان الناميـة والأقـل التهديـد الجديـد لأمـن البشـر وحياتهـم ،وتتمثـل
نمـ ًّوا؛ حيـث ترتفـع نسـب َمـن يعيشـون علـى خـط
الفقر ،و َمن هم في أوضاع اقتصادية واجتماعية